كيف تختار موضوع البحث
أولاً– مسؤولية اختيار الموضوع:
إن اختيار موضوع البحث هو أول وأهم خطوة في إعداده. ولذلك يؤكد البعض أن الاختيار الموفق لموضوع البحث هو نصف البحث، لأن تحديد أولويات المسائل والمشكلة الجديرة بالبحث من الأمور الهامة التي تذلل الكثير من الصعوبات التي قد تواجه الباحث. بل ولعل من أسباب تعثر الباحثين وفشلهم في إنجاز بحوثهم، الاختيار غير الموفق لموضوع البحث. ... فعلى عاتق من تقع مسؤولية اختيار موضوع البحث؟
الأصل أن اختيار موضوع البحث هو من اختصاص الطالب، وهذا هو الأسلوب الأمثل، باعتبار أن الباحث هو المتخصص في موضوعه ، والمعايش لفكرته، وصاحب الميل والرغبة للخوض فيه.
ويحذر البعض من لجوء الباحث إلى المشرف ليختار له موضوع بحثه، باعتبار أن ذلك يشكل مطبا للباحث نفسه، الذي قد يتعثر في مشواره البحثي، لكون الموضوع المقترح عليه دراسته معقداً أو صعباً بالنسبة لقدرات الباحث وإمكانياته العلمية، أو لا يتفق مع استعداده وميوله.
بيد أنه ليس هناك ما يمنع –من حيث المبدأ – من اختيار موضوع البحث من قبل المشرف على الباحث، كون الأستاذ أكثر خبرة ودراية من الباحث، فيشير عليه ببحث موضوعات معينة، ويستشرف في الباحث إمكانية البحث في إحداها، فإذا اختار الباحث أحد هذه الموضوعات، يرشده المشرف إلى المصادر التي يبحث فيها. ويكون للباحث هنا أن يتبادل الرأي مع المشرف حول بعض عناصر الموضوع، أو توجيه الدراسة والبحث في أحد جوانبه ... وفي تلك الحالة يأتي البحث ثمرة للتعاون بين الباحث والمشرف.
ثانياً– إرشادات نحو اختيار الموضوع:
هناك بعض التوجيهات والنصائح العامة، التي يمكن الاسترشاد بها، في اختيار موضوعات البحوث العلمية، ومنها:
1 – التريث والصبر في اختيار الموضوع:
فلا بد أن يأخذ الباحث وقته المناسب للقراءة والتفتيش عن الموضوعات التي تستأهل الدراسة والبحث.
فقد أثبتت التجربة أن التسرع في اختيار موضوع البحث، يؤدي إلى عدم التوفيق في إعداده، حيث قد يجيء الموضوع ضخمـاً فضفاضاً، يستغرق وقتاً طويلاً لإنجازه، بل وإن أُنجز في وقت ملائم، فتناوله يكون سطحياً يفتقر إلى العمق الكافي.
وقد يجيء الموضوع ضيقاً معقداً، لا تكون مصادره أو مراجعه متاحة أو متوفرة، فلا يستطيع الباحث إتمام البحث، فيتعثر في مشواره البحثي.
2 – سعة الاطلاع والقراءة المستفيضة في مجال التخصص الذي سيجري فيه البحث:
فمن غير المتصور أن يحاول شخص يريد أن يعدّ بحثاً، اختيار موضوع وذهنه خال من أية فكرة عنه. فالقراءة والاطلاع من العوامل التي تساعد على التعرف على المشكلات والقضايا ذات الأهمية التي تصلح موضوعاً لبحثه.
3 – أن يكون موضوع البحث جديداً:
إن جدة الموضوع لا تعني بالضرورة أن يطرق الباحث أرضاً بكراً لم تطأها من قبل عقول الباحثين. فلا يشترط أن تكون المشاكل المثارة جديدة، بل يكفي أن تكون الحلول المقدمة ووسائل المعالجة هي الجديدة. أما أن يتناول الباحث موضوعاً قد اهترأ بحثاً، وبطريقة لا يقدم فيها جديداً، فإن ذلك سيخرج عملاً خاوياً من أية قيمة علمية.
4 – أن يكون موضوع البحث ضيقاً ومحدوداً:
فيجب دائماً اختيار نقطة محدودة والسير في دراستها إلى أبعاد وأغوار بعيدة، فتلك هي مهمة الباحث الحق، ومعنى هذا أن الباحث يكتب في نقطة واحدة لا في عدة نقاط، فهناك فرق بين أن تكتب بحثاً وأن تكتب كتاباً . فبحث بعنوان "القصيدة" غير جائز لأنه واسع وغامض. وبعد قراءات مبدئية قد تخفض العنوان إلى القصيدة الغزلية في القرن العشرين في البلد كذا، وهكذا.
ويؤكد البعض على ضرورة الوضوح التام للمسائل الجوهرية والعناصر الأساسية لموضوع البحث، والتي تظهر من خلال إجابة الباحث على عدة تساؤلات:
آ – هل المشكلة أو القضية التي يثيرها موضوع البحث محددة، وملحة وتستحق البحث؟
ب – هل في استطاعة الباحث البدء في البحث وإنجازه؟ أي هل موضوع البحث في مستوى قدرة الباحث؟
ج - هل الوقت المتاح كاف؟
د – هل تتوافر مصادر المعلومات والمراجع بالنحو الذي يسمح للباحث بتغطية مختلف جوانب البحث بشكل واف؟
ه – هل ستضيف الدراسة التي سيقوم بها الباحث، إلى المعرفة الإنسانية شيئاً؟
فإذا كانت الإجابة بالنفي على أي من هذه الأسئلة، فعلى الباحث أن يختار موضوعاً آخر دون أن يضيع وقته ونشاطه في دراسة لم تكتمل له فيها عناصر النجاح.
اختيار عنوان البحث
إذا استقر الباحث على اختيار موضوع بحثه، كان عليه بعد ذلك الاستقرار على عنوان دقيق ومحدد له. وعند التفكير في اختيار عنوان البحث، يجب مراعاة أن يكون العنوان:
1 – دقيقاً واضح الدلالة على موضوع البحث.
ويجب أن يكون العنوان وارداً في صيغة تقريرية، وليس في صيغة استفهامية.
2 – جديداً ومبتكراً، حتى يستطيع الباحث أن يؤكد فيه استقلاله وشخصيته، وعادة فإن البحث المتميز في موضوعه يكون متميزاً في عنوانه، وكما جاء في القول المأثور : الكتاب يعرف من عنوانه.
3 – قصيراً وطريفاً (حتى 15 كلمة) فالعنوان المطول غير مستحب. كما يجب أن يكون جذابا.
-------
المصدر:
مجلة الدراسات العليا على فيسبوك:
https://facebook.com/higher.studies.mag